التضخم: مصاعب النفقات الاستهلاكية تضرب اليابان
Backstories

التضخم: مصاعب النفقات الاستهلاكية تضرب اليابان

    NHK Senior Economic Commentator /
    NHK World Special Affairs Commentator
    يلحق ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية الضرر بالأسر حول العالم، بما في ذلك اليابان. فقد أصبحت أشياء مثل الخبز والذرة والزيت والغاز والمعكرونة تكلف أكثر. ويخشى الناس من أن تستمر هذه الزيادة في الأسعار، وتنظر البنوك المركزية في تغيير السياسات المالية لمواجهة الأزمة.

    وتقوم بعض سلاسل المطاعم التي تكتسب شعبية في اليابان، بتغييرات في قوائم الطعام لكي تتمكن من خدمة الزبائن الذين أصبحوا يعانون من ضائقة مالية. وقد رفعت سلاسل مطاعم يوشينويا، وسوكيا، وماتسويا أسعار أطباق الغيودون المصنوعة من لحم البقر، نتيجة ارتفاع أسعار هذا النوع من اللحوم. وقد بدأوا أيضا يقدمون أطباقا أقل سعرا من الدجاج، من أجل تخفيف الأعباء.

    ووفقا لمسح أجرته شركة أبحاث الائتمان تيكوكو داتابنك فإن كل المتسوقين في محال البقالة ستصدمهم ملصقات الأسعار، حيث يخطط مصنعو الأغذية لرفع أسعار أكثر من 3000 منتج بحلول يوليو/تموز.

    وقد تدخل المشرعون اليابانيون بتقديم ميزانية تكميلية بقيمة 2.7 تريليون ين (حوالي 21 مليار دولار) تتضمن إجراءات طارئة مصممة للمساعدة في تخفيف الضغط.

    وتشمل الإجراءات منح إعانات لتجار النفط بالجملة لتخفيض أسعار التجزئة للبنزين ومساعدة الأسر ذات الدخل المنخفض التي لديها أطفال.

    وقد تخطى معدل تضخم المستهلك في اليابان اثنين بالمئة في أبريل/نيسان، متجاوزا هدف البنك المركزي لأول مرة منذ سبع سنوات. ومن المتوقع أن يظل الرقم أعلى من اثنين بالمئة على الأقل حتى نهاية العام.

    Graph: Japan’s Consumer Price Index

    تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في عرقلة سلاسل الإمدادات العالمية ودفع أسعار الغذاء والطاقة إلى الارتفاع. ومن المتوقع أن يزيد الحظر الإضافي الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على صادرات النفط الروسية الوضع سوءا.

    النوع الخاطئ من التضخم

    يؤدي ارتفاع الأسعار الناتج عن الصراع الجيوسياسي إلى تضخم مدفوع بارتفاع التكلفة، وليس التضخم المدفوع بارتفاع الطلب الذي تهدف السياسة النقدية اليابانية إلى تحقيقه.

    ويفيد بحث أجرته ميزوهو للأبحاث والتكنولوجيا بأن الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم عليهم أن يتوقعوا زيادة تبلغ 50,000 ين (حوالي 380 دولار) في النفقات السنوية في عام 2022.

    ولن تكون زيادة الدخل التدريجية كافية لتغطية زيادة نفقات المعيشة.

    سياسة بنك اليابان المركزي تصمد بقوة

    يحافظ بنك اليابان المركزي على إجراءات تيسير نقدي صارمة استنادا إلى فرضية أن الزيادة في أسعار المستهلك مؤقتة، وأن الاقتصاد ليس مرنا بما يكفي لتحمل التشديد المالي.

    وقال محافظ البنك المركزي كورودا هاروهيكو في مؤتمر صحفي في 26 مايو/أيار "في الوقت الحالي، يبقى البنك على مساره من التيسير النقدي". وكان قد قال في السابق إنه يتوقع أن يستقر معدل التضخم الوطني عند حول 1.9 بالمئة في العام المالي الحالي، "لكنه قد يتباطأ لما يقرب من واحد بالمئة خلال العام التالي".

    BOJ governor Kuroda Haruhiko
    محافظ بنك اليابان المركزي كورودا هاروهيكو يقول إن البنك سيحتفظ بإجراءات التيسير المالي، في مؤتمر صحفي في طوكيو في 26 مايو/أيار

    ويواجه نهج بنك اليابان المركزي انتقادات بسبب عدم إبداء المرونة الكافية للسيطرة على التضخم أو وقف انخفاض قيمة الين.

    وفي حين يعد انخفاض سعر الين ميزة للمصدرين، فهو يشكل عبئا على المستوردين الذين يضيفون التكلفة الزائدة للأساسيات والتي تشمل البنزين والكهرباء والنقل على كاهل الأسر.

    البنك المركزي الأوروبي يرفع شارات التغيير في سياسته

    كان البنك المركزي الأوروبي يتبنى حتى الآن سياسة تيسير نقدي مماثلة لتلك التي ينتهجها بنك اليابان المركزي، بما في ذلك أسعار الفائدة السالبة. ولكن يبدو أنه سيغير اتجاهه لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم.

    وأشارت كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي إلى أن أول ارتفاع في سعر الفائدة منذ 11 عاما قد يأتي قريبا بحلول شهر يوليو/تموز.

    وكتبت في مدونة على الموقع الإلكتروني للبنك المركزي الأوروبي "الظروف التي تواجه السياسة النقدية اليوم تغيرت بشكل ملحوظ. ومن المناسب أن تعود السياسة إلى الوضع العادي بدلا من الإجراءات التي وضعت بهدف رفع التضخم من مستويات منخفضة جدا".

    وقالت أيضا إنه من المتوقع أن يخرج البنك المركزي الأوروبي من سياسة سعر الفائدة السالب بحلول نهاية الربع الثالث من العام في مسعى للتغلب على التضخم.

    ECB President Christian Lagarde
    تشير رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد إلى الخروج من سياسة سعر الفائدة السالب حيث تضرب مستويات التضخم القياسية منطقة اليورو.

    يبلغ متوسط التضخم في الاتحاد الأوروبي أكثر من ثمانية بالمائة، وهو ما يتجاوز بكثير الرقم في اليابان. لكن من المرجح أن يعاني الاقتصاد الأوروبي أكثر من الصراع الجاري في أوكرانيا.

    وكتبت لاغارد في مدونتها أن التغييرات الهيكلية مثل ما يسمى بالتحول الأخضر في القضايا البيئية، والمخاطر الجيوسياسية المستمرة، ستبقي الأسعار مرتفعة على المدى الطويل. وهي تعتقد أنه حتى عندما تتلاشى صدمة الإمدادات، فمن غير المرجح أن تعود ديناميكيات كبح التضخم التي كانت موجودة في العقد الماضي.

    النهج الأوروبي "مثال جيد"

    يقول تاناكا أوسامو كبير الاقتصاديين في معهد داي إيتشي لأبحاث الحياة باليابان، إن التغيير في سياسة البنك المركزي الأوروبي كان متوقعا. ويقول تاناكا "قرار البنك المركزي الأوروبي لتشديد السياسة النقدية لا مفر منه نظرا للتوقعات السياسية والاقتصادية في المنطقة".

    ويعتقد كبير الاقتصاديين أن أساسيات الاقتصادين الأوروبي والياباني مختلفة إلى حد كبير، مع ما يُرى من زيادة كبيرة للدخل في أوروبا.

    لكنه يشير إلى أن "خروج البنك المركزي الأوروبي من سياسة سعر الفائدة السلبي قد يعطي مثلا جيدا لبنك اليابان المركزي لتعديل سياسته النقدية في المستقبل، فيما يتعلق بالمرونة وكسب المزيد من تفهم الناس لموقف البنك المركزي".

    ويضيف تاناكا "سيحتاج كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان المركزي إلى التعامل بحرص مع السياسة النقدية وإلى مهارات تواصل مع الناس وسط مخاطر الانخفاض التي قد تؤدي إلى تراجع الاقتصاد العالمي".